للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكبر من هذا؟ فأوحى الله تعالى إليه: إنّ فى البحر من يحتاج أن يأكل سبعين ألفا مثل هذا ولا يشبعه، ولا يشبعه إلا نعمتى ولطفى. فعلم سليمان أنّ الذى أعطيه ليس بشىء فى قدرة الله عز وجل. والله الواسع المتفضّل.

[ذكر خبر بناء بيت المقدس وابتداء أمره]

قال أبو إسحاق الثعلبىّ- رحمه الله تعالى- فى سبب بناء بيت المقدس:

إن الله تعالى بارك فى نسل إبراهيم- عليه السلام- حتى جعلهم فى الكثرة غاية لا يحصون. فلما كان زمن داود- عليه السلام- لبث فيهم مدّة مديدة بأرض فلسطين وهم يزدادون كلّ يوم كثرة، فأعجب داود بكثرتهم فأراد أن يعلم عدد بنى إسرائيل فأمر بعدهم، وبعث لذلك عرفاء ونقباء، وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ من عدّتهم، فكانوا يعدّون زمانا من الدهر حتى عجزوا وأيسوا أن يحيط علمهم بعدد بنى إسرائيل. فأوحى الله تعالى إلى داود: إنى وعدت أباك إبراهيم يوم أمرته بذبح ابنه فصدّقنى واتمر بأمرى أن أبارك له فى ذرّيته حتى يصيروا أكثر من عدد نجوم السماء، حتى لا يحصيهم العادّون. وإنى قد أقسمت أن أبتليهم ببليّة يقل منها عددهم، ويذهب عنك إعجابك بكثرتهم. وخيره بين أن يبتليهم بالجوع والقحط ثلاث سنين، وبين أن يسلّط عليهم عدوهم ثلاثة أشهر، وبين أن يسلّط عليهم الطاعون ثلاثة أيام. فجمع داود بنى إسرائيل وأخبرهم بما أوحى الله تعالى إليه وخيّره فيه. فقالوا: أنت أعلم بما هو أيسر لنا، وأنت نبيّنا فانظر لنا غير الجوع فلا صبر لنا عليه، وتسليط العدوّ أمر فاضح. فإن كان ولا بدّ فالموت، لأنه بيده لا بيد غيره.

فأمرهم داود أن يتجهّزوا للموت، فاغتسلوا وتحنّطوا ولبسوا الأكفان وبرزوا إلى صعيد بيت المقدس قبل بناء المسجد بالذارىّ والأهلين، وأمرهم داود أن