للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يضجّوا إلى الله تعالى وأن يتضرّعوا إليه لعله أن يرحمهم. فأرسل الله عليهم الطاعون فأهلك منهم فى يوم وليلة ألوف كثيرة لا يدرى عددهم، ولم يفرغوا من دفنهم إلا بعد مدّة شهرين.

فلما أصبحوا فى اليوم الثانى خرّ داود ساجدا يبتهل إلى الله تعالى، فاستجاب الله تعالى منه وكشف عنهم الطاعون ورفع عنهم الموت. ورأى داود الملائكة سالّين سيوفهم فأغمدوها وهم يرقون فى سلّم من ذهب من الصخرة إلى السماء.

فقال داود لبنى إسرائيل: إن الله قد منّ عليكم ورحمكم فجدّدوا له شكرا. قالوا:

وكيف تأمرنا؟ قال: آمركم أن تتّخذوا من هذا الصعيد الذى رحمكم الله فيه مسجدا لا يزال فيه منكم وممن بعدكم ذكر الله تعالى. فأخذ داود فى بنائه. فلمّا أرادوا أن يبتدئوا البناء جاء رجل صالح فقير يختبرهم ليعلم كيف إخلاصهم فى بنيانهم، فقال لبنى إسرائيل: إنّ لى فيه موضعا أنا محتاج إليه، فلا يحلّ لكم أن تحجبونى عن حقى. قالوا له: يا هذا، ما من أحد من بنى إسرائيل إلا وله فى هذا الصعيد حقّ مثل حقّك، فلا تكن أبخل الناس ولا تضايقنا فيه. فقال: أنا أعرف حقى وأنتم لا تعرفون حقكم. قالوا له: إمّا أن ترضى وتطيب نفسا وإلا أخذناه كرها.

قال لهم: أو تجدون ذلك فى حكم الله تعالى وحكم داود؟! قال: فرفعوا خبره إلى داود فقال: أرضوه. فقالوا: نعم نأخذه منه يا نبىّ الله بثمنه. قال: خذوه بمائة شاة. فقال الرجل: زدنى يا نبىّ الله؛ فقال: بمائة بقرة. قال: زدنى يا نبىّ الله؛ قال فبمائة بعير. قال: زدنى يا نبىّ الله، فإنما تشتريه لله تعالى. فقال داود: أمّا إذ قلت هذا فاحتكم أعطك. قال: تشتريه منى بحائط مثله زيتونا ونخلا وعنبا؟ قال نعم. قال: أنت تشتريه لله تعالى فلا تبخل. قال: سل ما شئت أعطك، وإن شئت أؤجرك نفسى. قال: أو تفعل ذلك يا نبىّ الله؟