للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل هذا القصر ولك مثل هذه البنت وأنت وزيرى ولم تعلمنى ولا استأذنتنى فى بنائه!. فقال: أيها الملك، أمّا القصر فإنى أنفقت عليه المال الذى ورثته من أبى. وأمّا البنت فإنها ابنة عميرة بنت ملك الجن، ورغبت فى السكن فى بلاد الإنس، فحملتها الى هذا المكان، فهذه قصتها. فقال: صدقت فزوّجنيها ولابدّ من ذلك. فقال: أحتاج فى ذلك إلى إذنها. قال: استأذنها. فجاء اليها وقال:

يا بنيّة، قد وقعت فيما كنت أخشاه عليك، وذكر لها مقالة الملك. فقالت:

زوّجنى منه ولا تخف، فإنه لا يصل إلىّ. فزوّجها منه بحضور أكابر أهل المملكة.

ولمّا تمّ التزويج كتب الملك كتابا إليها يقول: إنى قد عشقت اسمك قبل أن أنظر إليك، فإذا قرأت هذه الرقعة فعجّلى بحضورك إلىّ. فكتبت إليه: إنى لمشتاقة إلى وجهك أشوق منك إلىّ، غير أن قصرى هذا هو من بناء الجن، وفيه عجائب كثيرة، وقد جمعت فيه ما لا يصلح إلا لمثلك. فإن رأيت أن تتحوّل إلى قصرى فافعل. فلما ورد جوابها عليه ركب لوقته فى حشمه وجنوده وسادات قومه.

فبلغ بلقيس فقالت لأبيها: امض إلى الملك وقل له: إنّ ابنتى من بنات الجن ولم تنظر قطّ الى مثل هذه الجنود، ففرّق هؤلاء وادخل إليها منفردا. فقال ذلك للملك، ففرّق جنوده وأتى إليها بمفرده، ودخل القصر وله سبعة أبواب. وكانت بلقيس قد جعلت عند كل باب جارية من بنات الجن من أحسن ما تكون من النساء، وفى أيديهنّ أطباق الذّهب فيها الدنانير والدراهم والطّيب، وأمرتهن أن ينثرن ذلك على الملك. فلمّا دخل توهّم أنّ كل واحدة منهنّ امرأته وهمّ بالنزول عليها، فتقول: أنا خادمتها وهى أمامك، حتى انتهى إلى آخر الأبواب، فتقدّمت إليه جارية وأصعدته إلى العرش، فنظر الى القصر وما فيه من الآلات والزينة، فرأى ما لم يخطر بباله. ثم أقبلت بلقيس والجوارى بين يديها ينثرن على الملك من