للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقين. إنى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كلّ شىء ولها عرش عظيم» .

وذكر صفة عرشها وما فيه من أصناف الجواهر وغيرها ثم قال: «وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله» وخرّ ساجدا لله، ثم رفع رأسه وقال: «ألّا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء «١» فى السّموات والأرض» . قال سليمان: «سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين» !. ثم سأله عن الماء فقال: هو تحت قائمة كرسيّك.

فأمر سليمان بتحويل البساط، فحوّل ونقر الهدهد بمنقاره فخرج الماء، فشرب الناس وصلّوا. ثم قال لهدهد: «اذهب بكتابى هذا فألقه إليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون» وأقبل سليمان على آصف بن برخيا وقال: أكتب إلى هذه المرأة كتابا لطيفا. فدعا بصحيفة من فضّة وكتب: «بسم الله الرحمن الرحيم. إنه من سليمان. ألّا تعلوا علىّ وأتونى مسلمين» . وختم الكتاب وبعثه مع الهدهد فى زمرة من الطير، فأقبلوا نحو اليمن وانقضّوا على قصرها، ودخل الهدهد إلى قبّتها من كوّة «٢» من كوى القبّة وهى نائمة، وقد وضعت خاتم ملكها على صدرها، فوضع الكتاب على نحرها وطار. فلما استيقظت أخذت الكتاب وجمعت قومها ثم قالت: «إنّى ألقى إلىّ كتاب كريم» وفتحته وقالت: إنه من سليمان، وقرأته عليهم وعلمت أنه من قبل رجل عظيم. وجمعت أكابر قومها وأهل العقل والعلم الذين فى مملكتها و «قالت يأيها الملأ أفتونى فى أمرى ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون. قالوا نحن أولو قوّة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظرى ماذا تأمرين» . فعلمت عند ذلك أنهم قد أخطلوا الرأى فى عزمهم على الحرب و «قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة وكذلك يفعلون. وإنّى مرسلة إليهم بهديّة فناظرة بم يرجع المرسلون» .