للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ذلك ويقول لها: لا تبرزين كاشفة عن وجهك. وكان كثيرا ما يقول لها:

مكتوب فى التوراة: إنّ الزّناة يوقفون يوم القيامة وريحهم أنتن من الجيف. فأمرت بيحيى فسجن. وكان قد حبس رجل من أبناء الملوك، وكان يختلف إليها، فعلم بها وبه يحيى فزجره، فبلغ ذلك امرأة الملك فحملت بنتا لها واستقبلت بها زوجها.

فقال: لم فعلت ذلك؟ فقالت: وجب لها عليك حقّ. فقال: سلينى ما شئت.

فسألته أهل السجن. فظنّ أنها ترحمهم وتسرّحهم فقال: قد فعلت. فأمرت المرأة بأهل السجن فعرضوا. فلمّا مرّ بيحيى أمرت به فذبح فى طست ثم حملت الطست إلى أبيها بأمر أمّها وقالت: أيها الملك، إنى ذبحت لك ذبيحة من أعظم ما وجدت، ولو كان مثله ألفا لذبحتهم لك. فقال: ومن هو؟

قالت: يحيى بن زكريا. قال: هلكت وأهلكت أبويك. فغيّر الله ما بهم من النعم، وسلّط عليهم عدوّهم فذبح البنت وأبويها، وسلّط عليهم الكلاب حتى أكلتهم.

وقال الثعلبىّ فى تفسيره: والصحيح من ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار قال: عبرت «١» بنو إسرائيل بعد ما عمرت الشام، وعادوا اليها بعد خراب بختنصّر إياها وسبيهم منها، فجعلوا بعد ذلك يحدثون الأحداث بعد مهلك عزير عليه السلام، ويعود الله عليهم ويبعث فيهم الأنبياء، ففريقا يكّذبون وفريقا يقتلون، حتى كان آخر من بعث الله تعالى فيهم من أنبيائهم زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام.

فمات زكريا وقتل يحيى بسبب نهيه الملك عن نكاح ابنته فى قول عبد الله بن الزبير، وابنة امرأته فى قول السّدّىّ، وابنة أخيه فى قول ابن عباس رضى الله عنهما وهو الأصح إن شاء الله تعالى؛ لما روى الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا عليهم