للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصباغ فجعلها فيه، ووضع جميع تلك الثياب فيه وانصرف إلى أمّه. فلما كان من الغد جاء الصبّاغ إلى الحانوت فنظر إلى ما فعله عيسى، فقال له: يا عيسى أهلكتنى وأفسدت ثياب الناس. قال عيسى: يا صبّاغ، ما دينك؟ قال: دين اليهود. قال:

قل: لا إله إلا الله وأنّى عيسى روح الله، وأدخل يدك فى هذا التيغار وأخرج كل ثوب على ما تريد. فآمن الصبّاغ بالله وبعيسى عليه السلام وأدخل يده فأخرج كل ثوب على ما أراده أصحابه. قال: وظهر لعيسى بمصر معجزات كثيرة.

[ذكر خبر زكريا عليه السلام مع هيرودس الملك وما كان من أمره]

قال الكسائىّ: ولمّا كان من أمر عيسى عليه السلام وكلامه ما قدّمناه وتنكّست الأصنام ليلة مولده، جاء إبليس لعنه الله إلى الملك فى صورة شيخ وقال له:

أيها الملك، إن لك عندى نصيحة فاخل معى. فخلا به وقال: ما نصيحتك؟

قال: قد بلغك ما كان من شأن المولود الذى تكلم فى المهد. قال نعم. قال: وقد رأيت ما حلّ بالأصنام من شؤم مولده، وإنه لخليق أن يشمل الأرض كلها بشؤمه، وأنت فلا يمكنك قتله الآن لخروجه من بلادك، وأرى أن تفعل أمرا يتشاءم الناس بسببه بهذا المولود ويعينونك على قتله، وأنت مع ذلك تطلبه، فإن ظفرت به ذبحته.

قال الملك: فما الذى رأيت؟ فلعمرى لقد وقع فى نفسى إنك لخليق أن يكون عندك رأى ومكيدة. قال: تذبح الولدان، فإن ذلك يبغّضه إلى الناس ويتشاءمون به فيكفوك أمره. قال: لقد أتيت بالأمر على وجهه، وأمر بذبح الولدان من سنتين فما دونهما، فوقع الذبح فى صبيان بنى إسرائيل. قال: ثم انطلق إبليس إلى مجالس بنى إسرائيل ونواديهم يقول: الفاحشة فى مريم ويقذفها بزكريا، يعرّض