للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عظم ربوبيّتك أنك تعبر البحر فلا تبتّل قدماك ولا ترسخ فيه. قال: بل العظمة للذى ذلّله. قال: فأنت الذى بلغ من عظم ربوبيّتك أنك تعلم الغيب. قال:

بل العظمة لعالم الغيب والشهادة، لست أعلم إلا ما علّمنى. قال: فأنت الذى بلغ من عظم ربوبيّتك أنك كوّنت من غير أب. قال: بل العظمة للذى كوّننى وكوّن آدم وحوّاء من قبلى. قال: فأنت الذى بلغ من عظم ربوبيّتك أنك سيأتى عليك يوم تعلو فيه الخلائق كلها، فتكون السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهنّ دونك، وأنت فوق ذلك كلّه تدبّر الأمر وتقسم الأرزاق. قال: فأعظم عيسى قوله وضاق به ذرعا وسبّح إعظاما لما قال إبليس. قال: فأتاه جبريل فنفخ إبليس نفخة ذهب يلطم منها على وجهه فلا يملك من نفسه شيئا حتى وقع بالخافق الأقصى، ثم نهض بالذى أعطاه الله من القوّة فسبق عيسى إلى أسفل العقبة فسدّها وملأ كل ثلمة وطريق، ثم قال لعيسى: لقد غضبت غضب إله عظيم، وقد أخبرتك بأنك إله وما أنت من البشر، ولو كنت من البشر ما قمت «١» ، منذ فارقتك، أربعين ليلة لم تطعم ولم تشرب ولم تنم ولم يضرع «٢» لذلك جسمك، وهذا ما لا ينبغى لبشر. قال عيسى:

إنّ جسدى ليألم مما يألم منه البشر، وإنى لأطعم وأشرب وأنام وأغفل وأفرح وأحزن وأجزع وأهلع وأحتاج إلى أن أتنظّف بالماء وكيف تزعم أنى إله وأنت تعلم أنى هكذا!. ولم يزل إبليس لعنه الله يحاوره حتى عرض عليه أن يأمر الشياطين بعبادته والاعتراف بربوبيته. فضاق عيسى ذرعا وسبّح لله تعالى فقال: «سبحان الله عما يقول وبحمده، ملء سمائه وأرضه، وعدد خلقه، ورضا نفسه، ومبلغ علمه، ومنتهى كلماته، وزنة عرشه» . فهبط جبريل وميكائيل وإسرافيل، فنفخه ميكائيل نفخة ذهب منها نحو مطلع الشمس حتى صدم عين الشمس عند طلوعها، فخرّ