للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصرا لم يعمل مثله لأحد قطّ. قال توما: لك ذلك علىّ، ولكن أرضك حارّة، وإذا بنى فى زمن الحرّ كان حارّا لا يسكن من حرّه، وكذلك فى زمن البرد يكون باردا، وإنى لأرى أن يعمل فى زمن الاعتدال، فوافقه الملك على رأيه. وعرض للملك غزاة فخرج اليها واستخلف أخاه على الملك، وأمره أن يدفع لتوما ما يحتاج اليه من الأموال للنفقة على القصر، فصرف له أموالا كثيرة، ففرّقها توما فى الفقراء والمساكين حتى أغناهم، ثم مرض أخو الملك مرضا شديدا وغاب عن حسّه وحركته سبعة أيام. فقدم الملك وهو على تلك الحال، فلما ردّ الله عليه روحه قال الملك لتوما: ما فعلت فى القصر؟ قال: قد فرغت منه. فقال الملك لأخيه: ما الذى أعطيته من مالى؟ قال: جميع ما فى بيت مالك. قال:

فهل رأيت القصر؟ قال: إنه قبض منى المال ثم اشتكيت فقلت لتوما: أين بنيت هذا القصر؟ قال: بنيته لك فى السماء. قال: وكيف لى بسلّم أنال به السماء؟ قال: تنال السماء بالسّلّم الذى نالها به أخوك. فقال له أخوه: اسمع منّى أيها الملك أخبرك بالعجب؛ فإنك لو تعلم ما أدخل عليك هذا الرجل من الخير وصرف عنك من الشرّ لقبّلت قدميه وجعلته فوق رأسك. قال: أخبرنى خبره.

قال: أخبرك أنّ الله عزّ وجل عرج بروحى، فعرضنى على النار فرأيت أمرا عظيما مهولا ووصفه لأخيه، ووصف له صفة ما يعذّب به أهل الشّرك بالله وعبدة الأوثان. قال: ثم قيل لى: إنّ الله عرضك على النار فأراك ما رأيت لتكون لمن خلفك نذيرا، وسيريك الجنة، لتبشّر بها قومك، ولتخبر من خلفك بما رأيت.

قال: فأدخلت الجنة فرأيت كذا وكذا، ووصف الجنة ونعيمها وما فيها. قال:

وانتهيت إلى قصر عظيم من أعظم قصورها وأبوابه مغلقة، فقلت لخزنة الجنة: إنّى أحبّ أن أشاهد باطن هذا القصر فإنّى لم أر مثله. قالوا: إنّ صاحبه الآن فى الدنيا