للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه مخافة أن يفتنوه عن دينه. فخرج يريد الموصل «١» ومعه مال يريد أن يهديه إليه حتى لا يجعل لأحد من الملوك عليه سلطانا دونه. فجاءه حين جاءه وقد برز فى مجلس له وأمر بصنمه أفلون فنصب وأوقد نارا، فمن لم يسجد لصنمه ألقى فى النار. فلمّا رأى جرجيس ذلك قطع به وهاله وأعظمه وحدّث نفسه بجهاده، وألقى الله تعالى فى نفسه بغضه ومجاهدته. فعمد إلى المال الذى أراد أن يهديه له فقسمه فى أهل ملّته حتى لم يبق منه شىء وكره أن يجاهده بالمال. ثم أقبل عليه وقال له: إنك عبد مملوك لا تملك لنفسك شيئا ولا لغيرك، وإنّ فوقك ربّا هو الذى ملّكك وغيرك، وهو الذى خلقك ورزقك ويحييك ويميتك ويضرّك وينفعك، وإنك عمدت الى خلق من خلقه قال له: كن، فكان أصمّ أبكم لا ينطق ولا يسمع ولا يغنى عنك من الله شيئا، فزيّنته بالذهب والفضة فتنة للناس، ثم عبدته من دون الله. فكان من جواب الملك إيّاه أن سأله عن حاله وأمره ومن هو ومن أين هو. فأجابه جرجيس: أنا عبد الله وابن عبده وابن أمته أذلّ عباده وأفقرهم إليه، من التراب خلقت واليه أصير.

فقال له الملك: لو كان ربّك الذى تزعم كما تقول لرئى عليك أثره كما رئى أثرى على من حولى وفى طاعتى. فأجابه جرجيس بتحميد الله وتعظيم أمره وقال: أتعدل أفلون الأصمّ الأبكم الذى لا يغنى عنك شيئا بربّ العالمين الذى قامت السموات والأرض بأمره!. أو تعدل طرفلينا «٢» وما نال بولايتك فإنه عظيم قومك بما نال إلياس