للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فملك بعده ابنه عبيرون «١» بن عرون. ولمّا ملك جعل جسد أبيه عرون فى تمثال من الذهب ونصبه دون مرتبة جدّه، وكان يبدأ بالسجود لجدّه ثم يسجد لأبيه، وساس الرعيّة بأحسن سياسة، وساواهم فى جميع أمورهم، وشملهم بعدله، وكثر النسل، وأخصبت الأرض. وكان ملكه الى أن هلك مائتى سنة.

ولمّا مات ملك بعده ولده عثينان «٢» بن عبيرون. قال: ولمّا ملك جعل جسد أبيه فى تمثال من الذهب، وجرى فى أمره على ما سلف من عادتهم فى السجود والتعظيم. وطالت مدّته فى الملك، واتسعت مملكته حتى اتصلت بلاده ببلاد الترك من بنى عمه. واتّخذ فى أيامه كثير من المهن مما لطف فى الرقة من الصنائع، وعاش أربعمائة سنة ثم هلك.

فملك بعده ابنه حرانان «٣» بن عثينان. قال: ولما ملك جرى فى جسد أبيه على عادتهم، ثم أمر باتّخاذ الفلك وحمل فيها الرجال، وحمل معهم لطائف بلاد الصين وسفّرهم نحو بلاد الهند والسند والى إقليم بابل وسائر الممالك مما قرب وبعد فى البحر. وأهدى الى الملوك الهدايا العجيبة والتحف النفيسة. وأمر أصحابه الذين سفّرهم أن يجلبوا إليه ما فى كل بلد من الطرائف والتحف والمأكول الذى لا يوجد فى بلاده، والمشروب والغروس وأصناف الأقمشة والأمتعة وغير ذلك. وأمرهم أن يتعرّفوا سياسة كلّ ملك، وملّة كل أمة وشرائعها ونهجها الذى هى عليه، وأن يرغّبوا الناس فيما فى بلادهم من الجواهر والطّيب والآلات.

فتفرّقت تلك المراكب فى البلاد وفعلوا ما أمرهم به، فلم يردوا على مملكة من الممالك إلّا أعجبوا بهم واستظرفوا ما معهم. فأنشأت الملوك المحيطة ممالكهم