للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جبّارا له أيد وبسطة، وكان مع ذلك كاهنا عالما، له معاون من الجنّ، فملك بنى أبيه ولم يزل مطاعا فيهم. وقد كان وقع إليه من العلوم التى كان زرابيل علّمها من آدم. قال: فهو وبنوه الجبابرة الذين بنوا الأعلام، وأقاموا الأساطين العظام، وعملوا المصانع، ووضعوا الطّلّسمات، واستخرجوا المعادن، وقهروا من ناوأهم من ملوك الأرض ولم يطمع طامع فيهم. وكل علم جليل فى أيدى المصريين إنما هو من فضل علم أولئك القوم، كان مرموزا على الحجارة. فيقال إن فليمون الكاهن الذى كان ركب مع نوح عليه السّلام فى السفينة هو الذى فسّرها لهم وعلمهم كتابتها، وسنذكر إن شاء الله تعالى خبر فليمون فى موضعه.

قال: ثم أمرهم نقراوس حين استقرّ أمرهم ببناء مدينة فقطعوا الصخور والأحجار من الجبال، وأثاروا معادن الرصاص وبنوا مدينة وسمّوها أمسوس «١» ، وأقاموا بها أعلاما، طول كل علم مائة ذراع، وعمروا الأرض، وأمرهم ببناء المدائن والقرى، وأسكن أهل كل بيت ناحية من أرض مصر. وهم الذين حفروا النيل حتى أجروا ماءه اليهم، ولم يكن معتدل الحفر إنما كان يتسطح ويتفرّق فى الأرض. قال: ووجّه الى بلد النوبة جماعة حتى هندسوه وشقّوا منه أنهارا الى مواضع كثيرة من مدنهم التى بنوها، وشقّوا نهرا عظيما الى مدينتهم أمسوس يجرى فى وسطها وغرسوا عليه الغروس، فكثر خيرهم وعزّت أرضهم وتجبّر ملكهم. قال: وبعد مائة وعشرين سنة من ملكه أمر بإقامة الأساطين العظام وزبر عليها ذكر دخولهم البلد، وكيف نزلوا به، وحربهم لمن حاربوه من