للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم حمل عليه فصرعه وانكسر رمحه، وارتاب دريد وظنّ أنهم قد أخذوا الظّعينة وقتلوا الرجل، فلحق ربيعة وقد دنا من الحىّ، فوجد أصحابه قد قتلوا، فقال:

أيها الفارس، إنّ مثلك لا يقتل، ولا أرى معك رمحا والخيل ثائرة بأصحابها، فدونك هذا الرّمح فإنّى منصرف إلى أصحابى فمثبّطهم عنك، فانصرف دريد وقال لأصحابه:

إنّ فارس الظّعينة قد حماها وقتل فرسانكم وانتزع رمحى، ولا مطمع لكم فيه فانصرفوا، فانصرف القوم، فقال دريد:

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... حامى الظّعينة فارسا لم يقتل

أردى فوارس لم يكونوا نهزة ... ثم استمرّ كأنه لم يفعل

متهلّلا تبدو أسرّة وجهه ... مثل الحسام جلته كفّ الصّيقل

يزجى ظعينته ويسحب رمحه ... متوجّها يمناه نحو المنزل

وترى الفوارس من مخافة رمحه ... مثل البغاث «١» خشين وقع الأجدل

يا ليت شعرى من أبوه وأمّه ... يا صاح من يك مثله لا يجهل

وقال ربيعة بن مكدّم:

إن كان ينفعك اليقين فسائلى ... عنّى الظعينة يوم وادى الأخرم

إذ هى لأوّل من أتاها نهبة ... لولا طعان ربيعة بن مكدّم

إذ قال لى أدنى الفوارس ميتة ... خلّ الظّعينة طائعا لا تندم

فصرفت راحلة الظّعينة نحوه ... عمدا ليعلم بعض ما لم يعلم

وهتكت بالرّمح الطويل إهابه ... فهوى صريعا لليدين وللفم