للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيس، وأجدبت فلم تصبهم سماء يعقد بها الثّرى، ولا ينبت بها الكلأ، فذاب الشّحم، وذهب اللحم، وتهافتوا ضرّا وهزلا، فاجتمعوا للمشورة وإجالة الرأى، وقد عزموا على الرّحلة وانتجاع البلاد، فقالت فرقة منهم: انتجعوا بلاد سعد وبطن العشر «١» ، وقالت فرقة أخرى: إنّ تميما عدد. كثير لا يفضل منهم ما يكفيكم، وقالت فرقة أخرى: لينتجع كلّ ولد أب منكم ولد أب من غيركم، واعقدوا معهم حلفا تشركونهم به فى ربعهم «٢» ؛ فقام رجل حسن الوجه، مجتمع الخلق، جيّد الرأى، فقال: يا بنى عيلان «٣» ، إنكم قد أصبحتم فى أمر ليس بالهزل؛ هذا أمر عظيم خطره، متباعد أمره؛ قد بلغنا أن عبد المطّلب بن هاشم سيّد البطحاء استسقى فسقى، ودعا فأجيب، واستجير به فأجار، فاجعلوا قصدكم إليه، ووفادتكم عليه، فإن ذلك أوكد للسّبب، وأوجه فى الطّلب. قالوا: أحسن الرّأى، فرحلت قيس وهذيل، ومن دنا منهم حتّى أتوا عبد المطّلب، فقالوا: أفلح الوجه أبا الحارث! نحن ذووا أرحامك الواشجات «٤» ، أصابتنا سنون مجدبات، أهزلن السّمين، وأنفدن «٥» المعين، وقد بلغنا خبرك، وبان لنا «٦» أمرك، وكلاما نحو هذا.

فقال: موعدكم جبل عرفات، ثم خرج فى بنيه وبنى أميّة حتى أتى جبل عرفات، فصعد الجبل فقال: الّلهم ربّ الريح العاصف، والرّعد القاصف، والبرق الخاطف، منشىء السّحاب، ومالك الرّقاب، ذى المنن العظام، والأيادى الجسام؛ هذه مضر