للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن إسحاق رحمه الله: كان رجال من الأوس والخزرج ممن أسلم وهو على جاهليته، فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعثة، إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره، واجتماع قومهم عليه، فظهروا بالإسلام، واتخذوه جنّة من القتل، ونافقوا فى السّر، وكان هواهم مع يهود؛ لتكذيبهم وجحودهم الإسلام، فكان منهم من الأوس من بنى عمرو بن عوف، ثم من بنى لوذان بن عمرو بن عوف:

زوىّ بن الحارث، ومن بنى حبيب بن عمرو: جلاس بن سويد بن صامت، وأخوه الحارث بن سويد، قال: وجلاس هو الذى قال عند تخلفه عن غزوة تبوك: لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شرّ من الحمير، فرفع ذلك من قوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن سعد، وكان فى حجر جلاس خلف على أمه بعد أبيه، فلما تكلم جلاس بهذا قال له عمير: والله يا جلاس، إنك لأحبّ الناس إلىّ، وأحسنهم عندى يدا، وأعزّهم علىّ أن يصيبه شىء يكرهه، ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنّك، ولئن صمتّ عليها ليهلكن دينى، ولإحداهما أيسر علىّ من الأخرى، ثم مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال، فحلف جلاس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالله لقد كذب علىّ عمير، وما قلت ما قال، فأنزل الله تعالى فيه: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)

«١» ، قال ابن إسحاق: فزعموا أنه تاب فحسنت توبته حتى عرف منه الإسلام والخير. والله أعلم بالصواب.