للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعملكم من التّجبية- والتجبية: الجلد بحبل من ليف قد طلى بقار، ثم تسوّد وجوههما، ثم يحملان على حمارين، وتجعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين- فاتبعوه فإنما هو ملك، وصدّقوه، وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه نبىّ، فاحذروه على ما فى أيديكم أن يسلبكموه، فأتوه فقالوا: يا محمد، هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت، فآحكم فيهما، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم فى بيت المدراس، فقال: «يا معشر يهود أخرجوا إلىّ علماءكم» ، فأخرجوا إليه عبد الله بن صوريا وأبا ياسر بن أخطب، ووهب بن يهوذا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا، فساءلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قالوا: هذا عبد الله بن صوريا أعلم من بقى بالتوراة، فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنّا، فقال له:

«يا بن صوريا، أنشدك الله، وأذكّرك بأيّامه عند بنى إسرائيل، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم فى التوراة» ؟ قال: اللهم نعم، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبىّ مرسل، ولكنهم يحسدونك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر برجمهما، فرجما عند باب مسجده، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا، وجحد نبوّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا)

، أى الرجم، (وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ. سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ