للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل ما نزل بقريش من النّقمة، وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أنّى نبىّ مرسل، تجدون ذلك فى كتابكم وعهد الله إليكم؛ قالوا: يا محمد، لا يغرّنّك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، إنّا والله لئن حاربناك لتعلمنّ أنّا نحن الناس.

فأنزل الله تعالى فيهم: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ. قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ «١» )

. حكاه ابن إسحاق بسند يرفعه إلى ابن عباس.

وقال ابن هشام فى سبب هذه الغزاة: إنّ امرأة من العرب حلّت بجلب «٢» لها، فباعته بسوق بنى قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا منها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديا، وشدّت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فأغضبهم، فوقع الشر بينهم وبين بنى قينقاع.

عدنا إلى مساق حديث ابن سعد؛ قال: فسار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليهم، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، وكان أبيض، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر، ثم سار إليهم فحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذى القعدة، وكانوا أوّل من غدر من اليهود، وحاربوا وتحصّنوا فى حصنهم، فحاصرهم أشدّ الحصار، حتى قذف الله فى قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أموالهم، وأن لهم النساء والذّرّيّة، فأمر