للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم المنذر بن عمرو، فساروا حتى نزلوا بئر معونة- وهى بين أرض بنى عامر وحرّة بنى سليم، كلا البلدين منها قريب، وهى إلى حرّة بنى سليم أقرب- فلما نزلوها سرحوا ظهرهم، وقدّموا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، إلى عامر بن الطّفيل، فوثب على حرام فقتله؛ واستصرخ عليهم بنى عامر فأبوا، وقالوا: لا نخفر «١» جوار أبى براء، فاستصرخ عليهم قبائل من بنى سليم، عصيّة ورعلا وذكوان، فنفروا معه. واستبطأ المسلمون حراما، فأقبلوا فى أثره، فلقيهم القوم فأحاطوا بهم، وكاثروهم «٢» فاقتتلوا، فقتل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفيهم سليم بن ملحان، والحكم بن كيسان.

قال ابن إسحاق: فقتلوا من عند آخرهم إلا كعب بن زيد أخا بنى دينار بن النجار فإنهم تركوه، وبه رمق بين القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق. قال: وكان فى سرح القوم عمرو بن أمية الضّمرى، ورجل من الأنصار- قال ابن هشام: هو المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح- فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر، فقالا: والله إن لهذه «٣» الطير لشأنا؛ فأقبلا لينظرا، فإذا القوم فى دمائهم، والخيل التى أصابتهم واقفة. فقال الأنصارى لعمرو بن أمية:

ما ترى؟ قال: أرى أن نلحق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنخبره الخبر؛ قال الأنصارى: ما كنت لأرغب بنفسى عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو؛ ثم قاتل القوم حتى قتل، وأخذ عمرو بن أمية أسيرا، فلما أخبرهم «٤» أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل، وجزّ ناصيته، وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمّه.