للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحاب عمرة الحديبية كما تقدم، لم يتخلف منهم إلا الجدّ بن قيس، قالوا:

ولما بايع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الناس بايع لعثمان، فضرب بإحدى يديه على الأخرى. روى أن رجلا جاء إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، فسأله عن عثمان رضى الله عنه، أكان شهد بدرا؟ قال: لا؛ قال: أكان شهد بيعة الرضوان؟ قال: لا؛ قال: فكان من الذين تولّوا يوم التقى الجمعان؟ قال:

نعم. قال: فانطلق الرجل؛ فقيل لعبد الله بن عمر: إن هذا يرى أنك قد عبته، قال: علىّ به؛ فأتى به فقال: أمّا بدر فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد ضرب له بسهمه [وأجره «١» ] ؛ وأما بيعة الرضوان فقد بايع له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير من يد عثمان، وأما الذين تولّوا يوم التقى الجمعان فقد عفا الله عنهم، فاجهد علىّ جهدك «٢» .

وأنزل الله عزّ وجلّ فى الّذين بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه البيعة قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)

. قال الكلبىّ: معناه نعمة الله عليهم فوق ما صنعوا من البيعة. وقال ابن كيسان:

قوة الله ونصرته فوق قوّتهم ونصرتهم. ثم قال تعالى: (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)

وهو الجنة. وقوله تعالى فى السورة أيضا: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ)

من الصدق والوفاء (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) .

قيل: فتح خيبر؛ روى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» .