للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهباء «١» ، ولم تبعث إلينا بعثا، فنزل فيهم قوله عز وجل: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «٢» .

قال: وكان معهم قوم من بنى الزّنية وهم بنو مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان ابن أسد، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنتم بنو الرّشدة» .

وقال أبو إسحق أحمد بن محمد الثعلبىّ رحمه الله: إنّ نفرا من بنى أسد، ثم من بنى الحلاف «٣» بن الحارث بن سعيد، قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة فى سنة جدبة، فأظهروا شهادة أن لا إله إلا الله، ولم يكونوا مؤمنين فى السّر، وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات، وأغلوا أسعارها، وكانوا يغدون ويروحون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويقولون: أتتك الرب بأنفسها، على ظهور رواحلها، وجئناك بالأثقال والعيال والذّرارىّ- يمنّون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان. ويريدون الصّدقة، ويقولون:

أعطنا. فأنزل الله عز وجل فيهم: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا «٤»

الآيات. وقيل: نزلت فى الأعراب: مزينة، وجهينة، وأسلم، وأشجع، وغفار. وكانوا يقولون: آمنّا بالله؛ ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم، فلما استنفروا إلى الحديبية تخلّفوا، فأنزل الله فيهم: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا

أى انقدنا واستسلمنا مخافة القتل والسّبى وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ

فأخبر تعالى أن حقيقة الأيمان التصديق بالقلب، وأن الإقرار باللسان، وإظهار شرائعه بالأبدان، لا يكون إيمانا دون الإخلاص الذى محلّه القلب.