للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ «١» »

وقال: «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ «٢» »

. وقد روى فى حلمه واحتماله وعفوه وصبره أحاديث كثيرة وقصص مشهورة، قد تقدم منها فى أخباره، فى أثناء هذه السيرة جملة كافية، ونحن نشير الآن فى هذا الموضع إليها، وننبّه فى هذه الترجمة عليها، منها قصة أحد حين ناله من أذى كفار قريش ما ناله مما قدمنا ذكره، فشق ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله، لو دعوت عليهم، فقال: «إنى لم أبعث لعّانا ولكنّى بعثت داعيا ورحمة اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون» روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أنه قال فى بعض كلامه:

بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد دعا نوح على قومه فقال: «ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين»

ديّارا» ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا، فلقد وطئ ظهرك وأدمى وجهك وكسرت رباعيتك، فأبيت أن تقول إلا خيرا، فقلت: «اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون» . ومنها قصتا غورث «٤» بن الحارث، ودعثور بن الحارث حين أرادا أن يفتكا به، وأظفره الله بهما، وأمكنه منهما فعفا عنهما، كما تقدم ذكر ذلك فى غزوتى غطفان وذات الرّقاع، ومنها عفوه عن الذين هبطوا عليه فى عمرة الحديبية، وأرادوا قتله فأخذوا فأعتقهم صلّى الله عليه وسلم، ومنها صفحه عن قريش حين أمكنه الله منهم يوم الفتح، وهم لا يشكون فى استئصال شأفتهم وإبادة خضرائهم؛ لما تقدم من أذاهم له، فمازاد على أن عفا وصفح، وقال: «ما تقولون إنى فاعل بكم» قالوا: خيرا؛ أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: «أقول كما قال أخى