للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووطّأ عليه بقطيفة، فركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم قال سعد: يا قيس، أصحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال قيس: فقال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «اركب» فأبيت، فقال: «إما أن تركب وإما أن تنصرف» فانصرفت، وفى رواية أخرى: «اركب أمامى فصاحب الدابة أولى بمقدّمها» . وكان صلّى الله عليه وسلّم لا يدع أحدا يمشى معه وهو راكب حتى يحمله، فإن أبى قال:

«تقدّمنى إلى المكان الذى تريد» وركب صلّى الله عليه وسلّم حمارا عريا إلى قباء، وأبو هريرة معه، فقال: «يا أبا هريرة أحملك» ؟ فقال: ما شئت يا رسول الله، فقال: «اركب» وكان فى أبى هريرة ثقل، فوثب ليركب فلم يقدر، فاستمسك برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوقعا جميعا، ثم ركب صلّى الله عليه وسلّم فقال:

«يا أبا هريرة أحملك» ؟ فقال: ما شئت يا رسول الله، فقال: «اركب» فلم يقدر على ذلك، فتعلق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوقعا جميعا، ثم قال:

«يا أبا هريرة أحملك» ؟ فقال: لا، والذى بعثك بالحق لا صرعتك ثالثا. وكان لا يدع أحدا يمشى خلفه ويقول: «خلوا ظهرى للملائكة» . وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يؤلّف أصحابه ولا ينفّرهم، ويكرم كريم كلّ قوم ويولّيه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره ولا خلقه، يتفقّد أصحابه، ويعطى كلّ جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أنّ أحدا أكرم عليه منه، من جالسه أو قاربه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يردّه إلا بها، أو بميسور من القول، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده فى الحق سواء، هكذا وصفه ابن أبى هالة، قال: وكان دائم البشر سهل الخلق ليّن الجانب، ليس بفظّ ولا غليظ، ولا سخّاب «١» ولا فحّاش،