للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتعلّم القرآن من أبىّ بن كعب، وفقه فى الدّين، فبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معلّما لأهل اليمامة، وليشغب على مسيلمة؛ ويشدّد من أمر المسلمين، وكان أعظم فتنة على بنى حنيفة من مسيلمة، شهد له أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إنه قد أشرك معه؛ فصدّقوه واستجابوا له، وأمروه بمكاتبة النبىّ صلّى الله عليه وسلّم، ووعدوه إن هو لم يقبل أن يعينوه عليه.

وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ والأمر على ذلك، فقويت شوكة مسيلمة، واشتدّ أمره، وكثرت جموعه، وتمكّن الرّجّال بن عنفوة من مسيلمة، وعظم شانه عنده، فكان لا يخالفه فى أمر ولا يقول شيئا إلا تابعه عليه، وكان مسيلمة يصانع كلّ أحد ممّن اتّبعه، ويتابعه على رأيه، ولا يبالى أن يطّلع الناس منه على قبيح، وضرب حرما باليمامة؛ فكان محرّما، فوقع ذلك الحرم فى الأحاليف، (أفخاذ من بنى أسيّد كانت دارهم اليمامة) ، فصار مكان دارهم الحرم، والأحاليف: سبحان ونمارة، وبنو جروة، فكانوا يغيرون على ثمار أهل اليمامة، فإن نذروا [١] بهم فدخلوا الحرم أحجموا عنهم، وإن لم ينذروا بهم فذاك ما يريدون؛ فكثر ذلك منهم، حتى استعدوا عليهم مسييلمة، فقال: انظروا الذى يأتى من السماء فيكم وفيهم، ثم قال لهم: «والليل الأطحم [٢] ، والذئب الأدلم [٣] ، ما انتهكت


[١] نذروا: علموا.
[٢] الطحمة: سواد الليل.
[٣] الأدلم: الأسود الطويل.