للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى رحمه الله: كان [١] من حديث أهل البحرين أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اشتكى هو والمنذر ابن ساوى فى شهر واحد، ثم مات المنذر بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقليل، وارتدّ [٢] بعده أهل البحرين، فأما عبد القيس ففاءت، وأمّا بكر فتمّت على الردّة، وكان الذى ثنى عبد القيس الجارود بن المعلّى. وقيل فيه: الجارود بن عمرو بن حبيش بن يعلى [٣] ، واسمه- فيما يقال- بشر بن عمرو، وإنّما قيل له الجارود؛ لأنّه أغار فى الجاهلية على بكر بن وائل، فأصابهم فجرّدهم.

- وهذه الزيادة فى اسم الجارود عن غير الطبرى- قال أبو جعفر: وكان الجارود قد قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان نصرانيّا فأسلم، ومكث بالمدينة حتى فقه، ثم رجع إلى قومه فكان فيهم؛ فلم يلبث إلا قليلا حتى قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فقالت عبد القيس: لو كان محمد نبيّا لما مات؛ وارتدّوا؛ فبعث إليهم فجمعهم، وقال: يا معشر عبد القيس؛ إنّى سائلكم عن أمر فأخبرونى به إن علمتموه، ولا تجيبونى إن لم تعلموا؛ قالوا: سل عمّا بدا لك. قال: تعلمون أنّه كان لله تعالى أنبياء فيما مضى؟ قالوا: نعم، قال: ترونه أو تعلمونه؟ قالوا:

لا، بل نعلمه. قال: فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا؛ قال: فإنّ محمدا صلى الله عليه وسلم مات كما ماتوا، وأنا أشهد أنّ لا إله إلّا الله،


[١] تاريخ الطبرى ٣: ٣٠١ وما بعدها، الأغانى ١٥: ٢٥٥.
[٢] ص: «وارتدت» .
[٣] ص: «حنش بن يعلى» .