للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروم مأخذهم، فانتهت بهم الهزيمة إلى تلك الأوحال التى كانوا أعدّوها مكيدة للمسلمين، فلحقهم المسلمون، فوخزوهم بالرماح، فكانت الهزيمة بفحل، والقتل بالرّداغ، فأصيبت الروم، وهم ثمانون ألفا، لم يفلت منهم إلّا الشّريد، فصنع الله للمسلمين وهم كارهون؛ كرهوا البثوق والأوحال، فكانت عونا لهم على عدوّهم، وغنموا أموالهم، وانصرف أبو عبيدة وخالد بن الوليد إلى حمص.

وقد اختلف فى فتح فحل ودمشق، وذكروا أن المسلمين لما فرغوا من أجنادين على رأى من جعلها بعد اليرموك؛ اجتمع الروم بفحل، فقصدها المسلمون فحاصروها وفتحت، وكانت فحل فى ذى القعدة سنة ثلاث عشرة، وفتح دمشق فى شهر رجب سنة أربع عشرة.

وقيل: كانت وقعة اليرموك فى سنة خمس عشرة، ولم يكن للروم بعدها وقعة. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

[ذكر فتح بلاد ساحل دمشق]

هذه الفتح أورده ابن الأثير [١] فى حوادث سنة ثلاث عشرة، قال: لما استخلف أبو عبيدة يزيد بن أبى سفيان على دمشق، وسار إلى فحل، وسار يزيد إلى مدينة صيداء وبيروت، وجبيل وعرقة [٢] ، وعلى مقدّمته أخوه معاوية، ففتحها فتحا يسيرا، وجلا كثير من أهلها، وتولّى فتح عرقة معاوية بنفسه فى ولاية يزيد.

ثم غلب الروم على بعض هذه السواحل فى آخر خلافة عمر، وأول خلافة عثمان، وفتحها معاوية، ثم رمّها وشحنها [٣] بالمقاتلة.


[١] الكامل لابن الأثير ٢: ٢٩٦.
[٢] بعدها فى ابن الأثير: «وهى سواحل دمشق» .
[٣] شحنها: جعل فيها الكفاية لضبطها.