للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يمنعنى أن أؤمرّ سليطا إلّا سرعته إلى الحرب، وفى التسرّع إلى الحرب ضياع، وأوصى أبا عبيد بجنده.

وأمر عمر المثنّى بالتقدّم حتى يقدم عليه أصحابه، وأمرهم باستنفار من حسن إسلامه من أهل الرّدة، ففعلوا، وسار المثنّى فقدم الحيرة فى عشر، وقدم أبو عبيد بعده بشهر.

والله سبحانه وتعالى أعلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

[ذكر وقعة النمارق]

كانت [١] هذه الوقعة فى سنة ثلاث عشرة، وذلك أن بوران كانت يومئذ على الفرس، فأرسلت إلى رستم بن الفرّخزاذ- وكان على فرج خراسان- فحضر، فتوّجته، ودعت مرازبة فارس أن يسمعوا له ويطيعوا، فدانت له فارس، فكتب رستم إلى الدّهاقين أن يثوروا بالمسلمين، وبعث فى كلّ رستاق رجلا يثور بأهله، فبعث جابان إلى فرات بادقلى، وبعث نرسى إلى كسكر، وواعدهم يوما، وبعث جندا لمصادمة المثنّى، وبلغ المثنّى الخبر فحذر، وعجل جابان ونزل النّمارق، وثاروا، وخرج أهل الرّساتيق من أعلى الفرات إلى أسفله، وخرج المثنّى من الحيرة، فنزل خفّان لئلّا يؤتى من خلفه، وأقام حتى قدم عليه أبو عبيد، فلمّا قدم أقام أيّاما ليستريح هو وأصحابه، واجتمع إلى جابان بشر كثير بالنّمارق، فسار إليه أبو عبيد، وجعل المثنّى على الخيل، وكان على مجنّبتى جابان جشنس ماه ومردانشاه، فالتقوا واقتتلوا بالنّمارق قتالا شديدا،


[١] ابن الأثير: ٣: ٢٩٨، الطبرى ٣: ٤٤٦.