للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم، وجعلت الأمداد ترد من يزدجرد إلى مهران، ومن سعد إلى المسلمين.

وخرج الفرس يوما فقاتلوا قتالا شديدا، وأرسل الله عليهم ريحا حتى أظلمت عليهم البلاد، فسقط فرسانهم فى الخندق، فجعلوا فيه طرقا تصعد منها خيلهم، ففسد الخندق، فنهض المسلمون واقتتلوا قتالا شديدا لم يقتتلوا مثله، ولا ليلة الهرير، إلّا أنّه كان أعجل.

وانتهى القعقاع من الوجه الذى زحف منه إلى باب الخندق، وأمر مناديا فنادى: يا معشر المسلمين، هذا أميركم قد دخل الخندق، فأقبلوا إليه، ولا يمنعكم من بينكم وبينه من دخوله، فحملوا وهم لا يشكّون أنّ هاشما فى الخندق، فإذا هم بالقعقاع، فانهزم الفرس يمنة ويسرة، واتّبعهم المسلمون، فلم يفلت منهم إلّا القليل، وقتل منهم يومئذ مائة ألف، فجلّلت القتلى المجال، وما بين يديه وما خلفه، فسميّت جلولاء بما جلّلها من قتلاهم [١] ، وسار القعقاع فى الطلب حتى بلغ خانقين، فأدرك مهران الرازىّ فقتله، وأدرك الفيرزان، فنزل وتوقّل [٢] فى الجبل فنجا، وأصاب القعقاع سبايا فأرسلهنّ إلى هاشم فقسّمهنّ، فاستولدهنّ المسلمون، وممّن ينسب إلى ذلك السّبى أمّ الشّعبىّ.

قال: ولمّا بلغت الهزيمة يزدجرد سار من حلوان نحو الرّىّ، واستخلف على حلوان خسرشنوم [٣] ، فلمّا وصل القعقاع قصر


[١] بعدها فى ابن الأثير: «فهى جلولاء الوقيعة» .
[٢] وقل فى الجبل: صعد، كتوقل.
[٣] ابن الأثير: «خسر سنوم» .