للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البغال، يجنبون [١] الخيل، فخلف حرقوصا وسلمى وحرملة، وسار نحو الهرمزان وهو برامهرمز. فلمّا سمع الهرمزان بمسير النعمان إليه، بادر رجاء أن يقتطعه، فالتقيا بأربك (موضع عند الأهواز) ، واقتتلوا قتالا شديدا، فهزم الله عزّ وجلّ الهرمزان، فترك رامهرمز، ونزل تستر، وسار النعمان إلى رامهرمز فنزلها وصعد على إيذج [٢] فصالحه تيرويه عليها ورجع إلى رامهرمز، وأقام بها، ووصل أهل البصرة فنزلوا سوق الأهواز، وهم يريدون رامهرمز.

فأتاهم خبر الوقعة ومسير الهرمزان إلى تستر، فساروا نحوه، وسار أيضا النّعمان وحرقوص وسلمى وحرملة وجزء، فاجتمعوا على تستر، وبها الهرمزان وجنوده من أهل فارس والجبال والأهواز، وهم فى الخنادق، وأمدّهم عمر رضى الله عنه بأبى موسى الأشعرىّ، وجعله على أهل البصرة، وعلى جميع النّاس أبو سبرة، فحاصروهم أشهرا، وأكثروا فيهم القتل.

وقتل البراء بن مالك فى هذا الحصار مائة مبارز سوى من قتل فى غير المبارزة، وقتل مثله مجزأة بن ثور وكعب بن ثور، وزاحفهم المسلمون [٣] أيام تستر ثمانين زحفا يكون مرّة لهم ومرّة عليهم، فلمّا كان آخر زحف فيها، واشتدّ القتال، قال المسلمون: يا براء، اقسم على ربّك ليهزمنّهم، وكان مجاب الدّعوة فقال: اللهمّ اهزمهم لنا، واستشهدنى، فهزموهم حتى أدخلوهم


[١] يقال: جنب الدابة إذا قادها إلى جنبه.
[٢] الطبرى: «ثم صعد لا يذج» .
[٣] الطبرى: «المشركون» .