للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمّا بعد، فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القّهار الّذى يجريك، فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك.

فألقى عمرو البطاقة فى النّيل قبل يوم الصّليب بيوم، وقد تهيّأ أهل مصر للجلاء، فأصبحوا وقد أجرى الله [١] عز وجل النيل ستة عشر ذراعا فى ليلة، وانقطعت تلك السّنّة السّيّئة عن أهل مصر.

[ذكر ما قرر فى أمر الجزية من الخراج]

قال [٢] : وكانت فريضة مصر لحفر خلجانها، وإقامة جسورها، وعمارة قناطرها، وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفا، معهم الطّور والمساحى والأداة يعتقبون ذلك لا يدعونه [٣] شتاء ولا صيفا.

ثمّ كتب عمر بن الخطّاب رضى الله عنه إلى عمرو أن يختم على رقاب أهل الذّمّة بالرّصاص، ويظهروا مناطقهم، ويجزّوا نواصيهم، ويركبوا على الأكف عرضا. وألّا يضربوا الجزية إلّا على من جرت عليه المواسى، ولا يضربوا على النساء، ولا على الولدان، ولا يدعوهم يتشبّهون بالمسلمين فى لبوسهم.

قال: ولمّا استوسق لعمرو بن العاص الأمر، وأقرّ قبط مصر على جباية الرّوم، وكانت جبايتهم بالعدل: إذا عمرت القرية، وكثر أهلها زيد عليهم، فإذا قلّ أهلها وخربت نقصوا. فكانوا يجمعون خراج كلّ قرية وما فيها من الأرض العامرة، فيبدرون [٣] فيخرجون من الأرض فدادين لكنائسهم وحمّاماتهم. ثم يخرج منها عدد لضيافة المسلمين،


[١] ابن عبد الحكم: «وقد أجره الله» .
[٢] ابن عبد الحكم ١٥١ وما بعدها.
[٣] فى الأصلين: «فيبدون» ، وما أثبته من فتوح مصر.