للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفر: وعن أبى حبيبة، قال [١] : خطب عثمان النّاس فى بعض أيّامه، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إنّك قد ركبت نهابير [٢] ، وركبنا معك، فتب نتب. فاستقبل عثمان القبلة، وشهر يديه، قال أبو حبيبة: فلم أر يوما أكثر باكيا ولا باكية من يومئذ.

قال: ثمّ خطب الناس بعد ذلك، فقام إليه جهجاه الغفارىّ فصاح: يا عثمان، ألا إنّ هذه شارف [٣] ، قد جئنا بها، عليها عباءة وجامعة، فانزل فلندرّعك العباءة، ولنطرحك فى الجامعة، ولنحملنّك على الشّارف، ثم نطرحك فى جبل الدّخان.

فقال عثمان: قبّحك الله، وقبّح ما جئت به! قال أبو حبيبة: ولم يكن ذلك منه إلا عن ملإ من النّاس، وقام إلى عثمان شيعته من بنى أميّة، فحملوه فأدخلوه الدّار [٤] .

وروى عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه، قال:

أنا أنظر إلى عثمان يخطب على عصا النبىّ صلّى الله عليه وسلّم التى كان يخطب عليها أبو بكر، فقال له جهجاه: قم يا نعثل، فانزل عن هذا المنبر، وأخذ العصا فكسرها على ركبته اليمنى، فدخلت شظيّة منها فيها، فبقى الجرح حتّى أصابته الأكلة، فرأيتها تدوّد.

ونزل عثمان وحملوه، وأمر بالعصا فشدّوها، فكانت مضبّبة، فما خرج


[١] الطبرى ٤: ٣٦٦.
[٢] النهابير: المهالك.
[٣] الشارف من النوق: المسنة الهرمة.
[٤] الطبرى ٤: ٣٦٦.