للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا كان يوم الخميس صلّى علىّ بغلس، وخرج بالناس إلى أهل الشام، وجعل علىّ رضى الله عنه على ميمنته عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعىّ (وله صحبة [١] ، وكان ممّن أسلم يوم الفتح، وقيل:

قبله) ، وجعل على ميسرته عبد الله بن عبّاس، والقرّاء مع ثلاثة نفر: عمّار بن ياسر وقيس بن سعد وعبد الله بن بديل، والناس على راياتهم ومراكزهم، وعلىّ رضى الله عنه فى القلب فى أهل المدينة بين أهل الكوفة والبصرة، وأكثر من معه من أهل المدينة الأنصار، ومعه عدد من خزاعة وكنانة وغيرهم من أهل المدينة.

وزحف علىّ رضى الله عنه بهم إلى أهل الشام، ورفع معاوية قبّة عظيمة، وألقى عليها الثياب، وبايعه أكثر أهل الشام على الموت، وأحاط بقبّته خيل دمشق، وزحف عبد الله بن بديل فى الميمنة نحو حبيب بن مسلمة وهو فى الميسرة، فلم يزل يحوزهم [٢] ويكشف خيلهم حتّى اضطرّهم إلى قبّة معاوية عند الظّهر.

وحرّض عبد الله بن بديل أصحابه، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبىّ عليه الصلاة والسلام: ألا إنّ معاوية ادّعى ما ليس له، ونازع الحقّ أهله، وعاند من ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ، وصال عليكم، بالأعراب والأحزاب الذين زيّن لهم الضّلالة، وزرع فى قلوبهم حبّ الفتنة، ولبّس عليهم الأمر، وزادهم رجسا إلى رجسهم، وأنتم والله على الحق، على نور من ربكم وبرهان مبين،


[١] انظر الاستيعاب ج ٢ ص ٢٦٨ والإصابة ج ٢ ص ٢٨٠. وجمهرة أنساب العرب ص ٢٢٧.
[٢] يحوزهم: يجمعهم ويسوقهم.