للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقبل معاوية يقول لأهل الشام: إنّ عليّا قد وجه الأشتر إلى مصر فادعوا الله عليه فكانوا يدعون عليه [١] .

وأقبل الذى سقاه إلى معاوية فأخبره بمهلك الأشتر، فقام معاوية خطيبا، ثم قال: أمّا بعد، فإنه كانت لعلىّ يمينان، قطعت إحداهما يوم صفّين- يعنى عمّار بن ياسر-، وقطعت الأخرى اليوم- يعنى الأشتر-.

فلما بلغ ذلك عليا قال: لليدين وللفم [٢] ! [وكان ثقل عليه لأشياء نقلت عنه، وقيل: إنه لما بلغه قتله] [٣] استرجع [٤] وقال:

«مالك! وما مالك؟ وهو موجود مثل ذلك؟ لو كان من حديد لكان قيدا، أو من حجر لكان صلدا، على مثله فلتبك البواكى!» [٥] .

ثم كتب إلى محمد بن أبى بكر باستقراره على عمله، وأوصاه.

وقيل: إنه إنما ولى الأشتر بعد قتل محمد بن أبى بكر.

قال: ولما كان من الحكمين ما كان، وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة، لم يكن له همّ إلّا مصر، وكان يهاب أهلها [لقربهم منه و] [٦] لشدّتهم وما كان من رأيهم فى عثمان، وكان يرجو أنه إذا ظهر [٧] عليها ظهر على حرب على رضى الله عنه لعظم خراجها، فدعا


[١] ذكر ابن جرير وابن الأثير أنهم كانوا يدعون الله عليه كل يوم.
[٢]- هذه كلمة تقال للرجل إذا دعى عليه بالسوء، معناه: كبه الله لوجهه، أى خر إلى الأرض على يديه وفيه.
[٣] الزيادة من الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٨.
[٤] استرجع: قال «إنا لله وإنا إليه راجعون» .
[٥] قال ابن الأثير فى الكامل عقب هذا: «وهذا أصح، لأنه لو كان كارها له لم يوله مصر» .
[٦] الزيادة من الكامل.
[٧] ظهر: غلب.