للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان حسن الشّعر، فمن شعره يخاطب عمارة بن الوليد بن المغيرة عند النّجاشىّ:

إذا المرء لم يترك طعاما يحبّه ... ولم ينه قلبا غاويا حيث يمّما

قضى وطرا منه وغادر سبّة ... إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما

وكان أحد الدّهاة فى أمور الدنيا المقدّمين فى الرأى، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذا استضعف رجلا فى رأيه قال: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد. يريد خالق الأضداد.

حكى أنه جعل لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرو بن العاص وهو على المنبر عن أمّه، فسأله، فقال: أمّى سلمى بنت حرملة تلقّب النابغة من بنى عنزة، ثم أحد بنى جلّان، أصابتها رماح العرب [١] فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن واثل فولدت له، فأنجبت، فإن كان جعل لك شىء فخذه.

قالوا: ولما حضرته الوفاة قال: «اللهم أمرتنى فلم آتمر، وزجرتنى فلم أنزجر» ووضع يده فى موضع الغلّ ثم قال: «اللهمّ لا قوىّ فأنتصر، ولا برىء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت» . فلم يزل يردّدها حتّى مات.

وروى أبو عمر ابن عبد البر [٢] بسنده إلى الشافعى رضى الله عنه أنه قال. دخل ابن عباس رضى الله عنهما على عمرو بن العاص فى مرضه فسلّم عليه وقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: «أصبحت وقد أصلحت من دنياى قليلا، وأفسدت من دينى كثيرا، فلو كان


[١] سبيت وهى من بنى جلان بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
[٢] فى الاستيعاب ج ٢ ص ٥١٣.