للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لزرع [١] مستحصد [٢] وقد طالت إمرتى عليكم حتى مللتكم ومللتمونى، وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقى، لن يأتيكم بعدى إلا من أنا خير منه، كما أن من كان قبلى كان خيرا منى، وقد قيل:

من أحب لقاء الله أحب لله لقاءه، اللهم إنى أحببت لقاءك فأحبب لقائى وبارك لى فيه» . فلم يمض غير قليل حتى ابتدأ به مرضه الذى مات فيه.

قال [٣] ولمّا مرض [٤] دعا ابنه يزيد وقال: «يا بنى إنى قد كفيتك الشّدّ والتّرحال، ووطّأت لك الأمور، وذللت الأعداء، وأخضعت؛ لك رقاب العرب، وجمعت لك ما لم يجمعه أحد، فانظر أهل الحجاز فإنهم أصلك، فأكرم من قدم عليك منهم، وتعاهد من غاب وانظر أهل العراق، فإن سألوك أن تعزل عنهم كلّ يوم عاملا فافعل، فإنّ عزل عامل أيسر من أن يشهر عليك مائة ألف سيف، وانظر أهل الشام، فليكونوا بطانتك وعيبتك [٥] ، فإن رابك [٦] من عدوّك شىء فانتصر بهم، فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم، فإنهم إن أقاموا بغيرها تغيرت أخلاقهم، وإنى لست أخاف عليك أن ينازعك هذا الأمر إلّا أربعة نفر من قريش: الحسين بن على وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزّبير وعبد الرحمن بن أبى بكر، فأمّا ابن عمر فرجل قد


[١] فى الكامل: «كزرع» .
[٢] استحصد الزرع: حان أن يحصد.
[٣] ابن الأثير فى الكامل، وأصله فى تاريخ الطبرى ج ٤ ص ٢٣٨.
[٤] قال الطبرى: «مرض مرضته التى هلك فيها» .
[٥] عيبتك: موضع سرك.
[٦] كذا جاء فى المخطوطة مثل الكامل، وجاء فى تاريخ الطبرى «نابك» .