للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستشار عمرو بن سعيد عمرو بن الزّبير فيمن يرسله إلى أخيه فقال: لا توجّه إليه رجلا أنكأ له منى، فجهز معه سبعمائة فيهم أنيس بن عمرو الأسلمى.

فجاء مروان بن الحكم إلى عمرو بن سعيد فقال له: «لا تغز مكة، واتق الله ولا تحل حرمة البيت، وخلوا ابن الزّبير فقد كبر، له ستون سنة» فقال عمرو بن الزبير: والله لنغزونّه فى جوف الكعبة على رغم أنف من رغم.

وأتى أبو شريح [١] الخزاعى إلى عمرو فقال له: لا تغز مكة فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إنّما أذن لى فى القتال فيها ساعة من نهار ثم عادت كحرمتها بالأمس»

فقال له عمرو:

نحن أعلم بحرمتها منك أيها الشيخ [٢] .

فسار عمرو بن الزبير وسار أنيس فى مقدمته.

وقيل إن يزيد كتب إلى عمرو بن سعيد أن يرسل عمرو بن


[١] اختلف فى اسم أبى شريح، والراجح خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزى العدوى الكعبى الخزاعى، وقد أسلم قبل فتح مكة، وكان معه لواء خزاعة يوم الفتح.
[٢] هذا الحديث رواه الطبرى فى تاريخه ج ٤ ص ٢٥٧ وذكره ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ٢٦٦ وهو
حديث صحيح رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما بسنديهما عن أبى شريح أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لى أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم للغد من يوم الفتح، سمعته أذناى ووعاه قلبى وأبصرته عيناى، حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا له: إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لى فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب»
فقيل لأبى شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: «أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح. إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة» . انظر شرح الكرمانى لصحيح البخارى ج ٢ ص ١٠٢ وج ٩ ص ٤١ وشرح النووى لصحيح مسلم ج ٩ ص ١٢٧.