للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى قدم على صالح بدارا، فلما لقيه قال: اخرج بنا رحمك الله، فو الله ما تزداد السّنة إلّا دروسا، ولا يزداد المجرمون إلّا طغيانا.

فبثّ صالح رسله، وواعد أصحابه للخروج هلال صفر سنة [٧٦ هـ] ست وسبعين، فاجتمعوا عنده ليلة الموعد، فسأله بعض أصحابه عن القتال؛ أيكون قبل الدعاء أو بعده؟ فقال: بل ندعوهم، فإنه أقطع لحجّتهم. فقال: كيف ترى فيمن قاتلنا فظفرنا بهم، ما تقول فى دمائهم وأموالهم؟ فقال: إن قاتلنا فغنمنا فلنا، وإن عفونا فموسّع علينا.

ثم وعظ أصحابه وأمرهم بأمره، وقال لهم: إن أكثركم رجّالة، وهذه دوابّ لمحمد بن مروان فابدءوا بها، فاحملوا عليها راجلكم وتقوّوا بها على عدوّكم.

فخرجوا تلك الليلة فأخذوا الدوابّ، وأقاموا بأرض دارا ثلاث عشرة ليلة، وتحصّن أهلها منهم وأهل نصيبين وسنجار «١» ، وكان خروجه فى مائة وعشرين، وقيل: وعشرة.

وبلغ ذلك محمد بن مروان وهو أمير الجزيرة يومئذ، فأرسل إليهم عدىّ بن عدىّ الكندى فى ألف، فسار من حرّان، وكأنّه يساق إلى الموت، وأرسل عدىّ إلى صالح يسأله أن يخرج من هذه البلد، ويعلمه أنه يكره قتاله. وكان عدىّ ناسكا. فأعاد صالح إليه:

إن كنت ترى رأينا خرجنا عنك. فأرسل إليه: إنى لا أرى رأيك، ولكنى أكره قتالك وقتال غيرك. فقال صالح لأصحابه: اركبوا،