للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسار عبيد الله فى أهل البصرة والكوفة، وعلى أهل الكوفة شريح ابن هانىء؛ فمضى عبيد الله حتى دخل بلاد رتبيل، فأصاب من الغنائم ما شاء، وهدم حصونا، وغلب على أرض من أراضيهم، وأصحاب رتبيل من الترك يخلون للمسلمين أرضا بعد أرض، حتى أمعنوا فى بلادهم، ودنوا من مدينتهم، وكانوا منها على ثمانية عشر فرسخا، فأخذ الترك عليهم الشّعاب والعقاب «١» ، فصالحهم عبيد الله على سبعمائة ألف يوصلها إلى رتبيل ليمكّن المسلمين من الخروج، فلقيه شريح فقال: إنكم لا تصالحون «٢» ، على شىء إلّا حسبه السلطان من أعطياتكم، ثم قال: يأهل الإسلام، تعاونوا على عدوّكم، فقال له ابن أبى «٣» بكرة: إنك شيخ قد خرفت. فقال شريح:

يأهل الإسلام، من أراد منكم الشهادة فإلىّ، فاتّبعه ناس من المطّوّعة «٤» غير كثير، وفرسان الناس، وأهل الحفاظ، فقاتلوا حتى أصيبوا إلا قليلا، وجعل شريح يرتجز ويقول «٥» :

أصبحت ذابثّ أقاسى الكبرا ... قد عشت بين المشركين أعصرا

ثمّث أدركت النبىّ المنذرا ... وبعده صدّيقه وعمرا

ويوم مهران ويوم تسترا ... والجمع فى صفّينهم والنّهرا

هيهات ما أطول هذا العمرا «٦»