للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلّا فأخوك إسحاق بن محمد أمير الناس. فدعا عبد الرحمن الناس وقال لهم: أيها الناس، إنّى لكم ناصح ولصلاحكم محبّ، ولكم فى كل ما يحيط به نفعكم «١» ناظر، وقد كان رأيى فيما بينى وبين عدوى «٢» ما رضيه ذوو أحلامكم وأولو التجربة منكم، وكتبت بذلك إلى أميركم الحجاج، فأتانى كتابه يعجّزنى ويضعّفنى ويأمرنى بتعجيل الوغول بكم فى أرض العدوّ، وهى البلاد التى هلك فيها إخوانكم بالأمس، وإنما أنا رجل منكم أمضى إذا مضيتم، وآبى إذا أبيتم.

فثار إليه الناس وقالوا: بل، نأبى على عدوّ الله، ولا نسمع له ولا نطيع.

فكان أول من تكلم أبو الطّفيل عامر بن واثلة الكنانى، وله صحبة، فقال- بعد حمد الله: أما بعد فإنّ الحجاج يرى بكم ما رأى القائل الأول [إذ قال لأخيه] «٣» : احمل عبدك على الفرس، إن هلك هلك، وإن نجا فلك. إنّ الحجاج لا يبالى أن يخاطر بكم فيقحمكم بلايا «٤» كثيرة، ويغشى بكم اللهوب واللّصوب «٥» ، فإن ظفرتم وغنمتم أكل البلاد وحاز المال، وكان ذلك زيادة فى سلطانه؛