للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال لها: إذا سمعت بدولة بنى هاشم فأرسلى هذه التذكرة إلى صاحب الأمر فهو يعرفها، فوضعت المرأة ولدا سمته جعفرا، فنشأ وتعلّم الكتابة وما يحتاج إليه الكاتب. وولى المنصور الخلافة فقدم جعفر إلى بغداد واتصل بأبى أيوب، فجعله كاتبا [بالديوان فطلب المنصور يوما من أبى أيوب كاتبا] «١» يكتب له شيئا، فأرسل إليه جعفرا، فلما رآه المنصور مال إليه وأحبّه، فأمره بالكتابة فرآه ماهرا حاذقا، فسأله: من أين هو؟ ومن أبوه؟ فذكر له الحال وأراه التذكرة فعرفها، فصار يطلبه فى كل وقت بحجة الكتابة، فخافه أبو أيوب، ثم إن المنصور أحضره يوما وأعطاه مالا، وأمره أن يصعد إلى الموصل ويحضر والدته، وأنه إذا رجع وقارب بغداد لقيه المنصور بالعساكر وغيرها، وأمره أن يكتم حاله ويفارق الديوان مغضبا، فخرج إلى الديوان فقال له أبو أيوب: ما أبطأك؟ قال: كنت فى حاجة لأمير المؤمنين، فسأله عما كتب فقال: ما كنت لأذيع سر أمير المؤمنين، فسبّه أبو أيوب فأغلق جعفر دواته، وقال: والله لا عدت لهذا الديوان أبدا، وفارقه مغضبا فتوهم منه أبو أيوب، وتعرف أحواله ووضع عليه العيون، فقيل له: إن حاله حسنت، وأنه جدّد له مراكيب وسافر، فبعث فى أثره من اغتاله، فقتل وأحضر إليه ما كان معه، فرأى فى متاعه ما دلّه على أنه ولد أمير المؤمنين، فسقط فى يده وتوقع السوء، ولما أبطأ خبره على المنصور بعث إلى الموصل من يسأل عنه، فقالت أمه: لا علم لى به إلا أنه ببغداد، يكتب فى ديوان أمير المؤمنين، فأرسل المنصور من قصّ أثره، ولم يزل يدقّق البحث حتى علم أنّ قتله من قبل أبى أيوب، فنكبه هو وأهله.

وفيها غزا الصائفة معيوف «٢» بن يحيى، ووصل إلى حصن من حصون