للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتقاضه، فوجّه إليه المهدى عمه العباس يستدعيه فلم يجب فلما عاد العباس وجّه المهدى أبا هريرة محمد بن فروخ «١» القائد، فى ألف من شيعة المهدى فأشخصوه إليه، فلما قدم عيسى نزل دار محمد بن سليمان، وأقام أياما يختلف إلى المهدى، وهو لا يكلّمه بشىء ولا يرى مكروها، فحضر الدار يوما قبل جلوس المهدى فجلس فى مقصورة الربيع، وقد اجتمع رؤساء شيعة المهدى على خلعه، فثاروا به وضربوا باب المقصورة بالعمد حتى هشموه، وشتموا عيسى أقبح شتم، وأظهر المهدى إنكارا لما فعلوه فلم يرجعوا، فبقوا فى ذلك أياما وكان أشدهم عليه محمد بن سليمان: وكاشفه المهدى وألحّ عليه، فذكر أن عليه أيمانا فى أهله وماله، فأفتاه الفقهاء بما رأوا أنه لا يحنث فأجاب إلى خلع نفسه، فأعطاه المهدى عشرة آلاف ألف درهم وضياعا بالزاب وكسكر، وخلع نفسه لأربع بقين من المحرم وبايع للمهدى ولابنه موسى الهادى، ثم جلس المهدى من الغد وأحضر أهل بيته وأخذ بيعتهم، ثم خرج المهدى إلى الجامع وعيسى معه فخطب الناس، وأعلمهم بخلع عيسى وبيعة الهادى، وبايعهم فسارعوا إلى بيعته، فقال بعض الشعراء:

كره الموت أبو موسى وقد ... كان فى الموت نجاء وكرم

خلع الملك وأضحى ملبسا ... ثوب لوم ما ترى منه القدم

وحجّ المهدى فى هذه السنة بالناس، واستخلف على بغداد ابنه موسى وخاله يزيد بن منصور؛ وفيها نزع المهدى كسوة الكعبة وكساها كسوة جديدة، وكان سبب نزعها أنّ حجبة الكعبة ذكروا له أنهم يخافون على الكعبة أن تتهدم، لكثرة ما عليها من الكسوة فنزعها، وكانت كسوة هشام بن عبد الملك من الديباج الثخين، وما قبلها من عمل اليمن؛ قال: وطلى جدرانها بالمسك والعنبر، وكانت الكعبة فى جانب المسجد لم تكن متوسطة، فهدم حيطان المسجد وزاد فيه زيادات، واشترى الدور