للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جواريك، اللواتى ترسلين إليه فأبت أم جعفر. فقالت لها العبّاسة: إن لم تفعلى قلت للرشيد كلمتنى فى كيت وكيت. وإن فعلت ذلك واشتملت منه على ولد زاد فى شرف ابنك. وما عسى أن يفعل أخى لو علم. فمالت أم جعفر إلى ذلك، ووعدت ابنها أنها ترسل اليه جارية من صفتها وحسنها.

فطالبها بها مرة بعد أخرى وهى تمطله، حتى اشتاق اليها فأرسلتها إليه.

فأدخلت عليه- وكان لا يثبت صورتها. لأنّه كان إذا جلس عند الرشيد لا يرفع طرفه إليها. فلما دخلت عليه كان قد شرب نبيذا. فاجتمع بها وقضى وطره. فقالت له: كيف رأيت خديعة بنات الملوك؟ وأية ابنة ملك أنت!! قالت: أنا مولاتك العبّاسة. فتألم لذلك وقال لأمه: بعتنى والله رخيصا. فاشتملت العبّاسة من ليلتها على حمل. فلما ولدته وكلت به غلاما يقال له رياش وحاضنة اسمها برّة. وبعثت بهم إلى مكة. وكان يحيى بن خالد ينظر على قصر الرشيد وحرمه وخدمه. ويغلق باب القصر بالليل وينصرف بالمفاتيح معه. فضيّق على حرم الرشيد. فشكت زبيدة أم الأمين مره إلى الرشيد، فقال له: يا أبت- وكان يدعوه بذلك- ما بال أم جعفر تشكوك؟ فقال: يا أمير المؤمنين- أمّتهم أنا فى حرمك وخدمك؟ قال:

لا. قال: فلا تقبل قولها. وزاد يحيى فى الحجر والتضييق، فدخلت زبيدة على الرشيد وقالت: ما يحمل يحيى على ما يفعل من منعه خدمى ووضعى فى غير موضعه؟ فقال: إنّه عندى غير متهم فى حرمى، فقالت: لو كان كذلك لحفظ ابنه مما ارتكبه!! قال: وما ذلك؟ فأخبرته بخبر العبّاسة، فقال:

وهل على هذا من دليل؟! قالت: وأى شىء أدل من الولد، قال: وأين هو؟ قالت: كان ها هنا فلما خافت ظهوره وجهت به إلى مكة، قال:

ويعلم بهذا سواك!! قالت ما فى قصرك جارية إلا وقد عرفت ما أخبرتك به. فسكت عنها وأظهر أنه يريد الحج. وأخذ معه جعفرا، فكتبت العبّاسة إلى الخادم والداية أن يخرجا بالصبى إلى نحو اليمن. فلما وصل الرشيد إلى مكة