للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترى، وهم يرون أن لا أمان لهم عند أخيك وعند طاهر لجدهم فى الحرب، ولسنا نأمن إذا خرجت معهم أن تؤخذ أسيرا، أو يأخذوا رأسك فيتقرّبوا بك ويجعلوك سبب أمانهم، وصرفوه عن ذلك فرجع إليهم، وأجاب الى طلب الأمان والخروج، وقالوا له: إنّه لا بأس عليك من أخيك، وأنّه يجعلك حيث أحببت فركن إلى ذلك، وأجاب إلى الخروج إلى هرثمة بن أعين، فدخل عليه الذين أشاروا عليه بقصد الشام وقالوا له: إذا لم تقبل ما أشرنا به عليك- وهو الصواب- وقبلت من هؤلاء المداهنين، فالخروج إلى طاهر خير لك من الخروج إلى هرثمة، فقال: أنا أكره طاهرا، وهرثمة مولانا وهو بمنزلة الوالد، وأرسل إلى هرثمة فى طلب الأمان، فأجابه إليه وحلف له أنّه يقاتل دونه- إن همّ المأمون بقتله، فلما علم طاهر ذلك اشتد عليه، وأبى أن يدعه يخرج إلى هرثمة وقال: هو فى حربى «١» والجانب الذى أنا فيه، وأنا ألجأته بالحصار إلى طلب الأمان، فلا أرضى أن يخرج إلى هرثمة فيكون الفتح له دونى، فاجتمع القوّاد أصحاب الأمين بطاهر وقالوا: إنّه لا يخرج إليك أبدا، وإنّه يخرج إلى هرثمة ببدنه ويدفع إليك الخاتم والقضيب والبردة وهو الخلافة، فاغتنم هذا الأمر ولا تفسده، فرضى بذلك، فأتى الهرش إلى طاهر وأراد التقرب إليه، فأخبره أنّ الذى جرى بينهم مكر، وأنّ الخاتم والبردة والقضيب تحمل مع الأمين إلى هرثمة، فاغتاظ منه وجعل حول قصر الأمين قوما فلما تهيأ الأمين للخروج إلى هرثمة أرسل إليه هرثمة، يقول:

وافيت للميعاد لاحملك، ولكنّى أرى ألا تخرج هذه الليلة، فإنّى قد رأيت على الشط ما قد رابنى، وأخاف أن أغلب وتؤخذ من يدى، وتذهب نفسك ونفسى، فأقم الليلة حتى أستعد وآتيك الليلة القابلة، فإن حوربت حاربت دونك؛ فقال للرسول: ارجع إليه فقل له لا تبرح، فإنّى خارج إليك الساعة لا محالة، ولست أقيم إلى غد، وقلق، وقال «٢» : قد تفرّق