للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فغلبوا على الإسكندرية، واشتغل عبد الله بن طاهر عنهم بحرب نصر بن شبث، فلما فرغ منه سار نحو مصر، فلما قرب منها قدّم قائدا من قوّاده إليها لينظر موضعا يعسكر فيه، وكان ابن السرى قد خندق على مصر. فاتصل الخبر به فخرج إلى القائد وقاتله قتالا شديدا. والقائد فى قلة «١» فسيّر بريدا إلى عبد الله بن طاهر يخبره، فحمل عبد الله الرجال على البغال وجنّبوا الخيل، وأسرعوا السير فلحقوا القائد وهو يقاتل. فلما رأى ابن «٢» السّرى ذلك لم يثبت بين أيديهم، وانهزم وتساقط أكثر أصحابه فى الخندق. فهلك منهم بالسقوط أكثر ممّن قتل بالسيف، ودخل ابن السرى مصر وأغلق الباب، وحاصره عبد الله فأرسل إليه فى الليل ألف وصيف ووصيفة مع كل واحد منهم ألف دينار. فردّهم ابن طاهر وكتب إليه: لو قبلت هديتك نهارا لقبلتها ليلا، بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ. ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ «٣»

. فعندها طلب ابن السرى الأمان فأمنّه، ثم بعث عبد الله بن طاهر إلى الإسكندرية يؤذن الذين تغلّبوا عليها بالحرب أو الدخول فى الطاعة. وكانوا قد أقبلوا من الأندلس فى مراكب، والناس فى تلك الفتن التى ذكرناها، فأرسوا بالإسكندرية وتغلّبوا عليها. وكان رئيسهم يدعى أبا حفص. فلما أتتهم رسالته سألوا الأمان. على أن يرحلوا عنها إلى بعض أطراف الروم التى ليست من بلاد الإسلام، فأمّنهم على ذلك فرحلوا ونزلوا بجزيرة اقريطش.

واستوطنوها وأعقبوا وتناسلوا.

قال: وبعث ابن طاهر عبيد الله بن السرى إلى بغداد. فقدمها فى سنة إحدى عشرة ومائتين. وأنزل مدينة المنصور. وأقام ابن طاهر بمصر واليا عليها وعلى الشام وعلى الجزيرة، إلى أن نقل إلى خراسان على ما نذكره