للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زبطرة معونة لأهلها، فوجدوا ملك الروم قد انصرف إلى بلاده بعد أن فعل ما ذكرناه، فوقفوا حتى تراجع الناس إلى قراهم «١» واطمأنوا، ثم سار المعتصم وسأل: أى بلاد الروم أمنع وأحصن؟ فقيل عمورية لم يعرض لها أحد منذ كان الإسلام، وهى عين النصرانية وأشرف عندهم من قسطنطينية، فسار المعتصم من سامرّا- وقيل كان مسيره فى سنة اثنتين وعشرين، وقيل سنة أربع وعشرين ومائتين وتجهز جهازا لم يتجهزه خليفة قبله قط من سلاح وآلات وعدد وغير ذلك، وبث سراياه فيها وجيوشه- يغير ويقتل ويأسر ويغنم، ثم نزل بعمورية لست خلون من شهر رمضان وحاصرها ونصب عليها المجانيق، ووالى الزحف والقتال ودام عليها خمسة وخمسين يوما وكان بطارقة الروم قد اقتسموا «٢» الأبراج، وكان وندوا موكل ببعضها ومعناه بالعربية «٣» ثور، فقاتل قتالا شديدا وكثرت الجراحات فى أصحابه، فمشى إلى الروم وقال: إن الحرب علىّ وعلى أصحابى، ولم يبق معى أحد إلا جرح، فإما أن تمدونى وإلا ذهبت المدينة فلم يمدوه، وكان المسلمون قد هدموا ثلمة من السور مما يلى جهة وندوا، فعزم هو وأصحابه على الخروج إلى المعتصم، يسألونه الأمان على الذريّة ويسلّمون إليه الحصن بما فيه، فلما أصبح أوقف أصحابه بجانبى الثلمة وأمرهم ألا يحاربوا، فخرج إلى المعتصم فصار بين يديه، والناس يتقدمون إلى الثلمة وقد أمسك الروم عن القتال، ووصل المسلمون الى الثلمة ووندوا بين يدى المعتصم، والناس يتقدمون حتى دخلوا المدينة، فالتفت وندوا وضرب بيده على لحيته، فقال له المعتصم: مالك؟! قال: جئت أسمع كلامك فغدرت بى، فقال له المعتصم: كل شىء تريده فهو لك. قال: ولما دخل المسلمون المدينة صارت