للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرجعت إلى خلفى وتعلقت قنبعة «١» سيفى بعتبة المجلس، فاندقت وسلمت من جراحه، ووقفت فى موقفى ثم مات الواثق وسحبناه، وجاء الفراشون فأخذوا ما تحته فى المجلس ورفعوه لأنه مكتوب عليهم، واشتغل الناس بأخذ البيعة وجلست على باب المجلس لحفظ الميت، ورددت الباب فسمعت حسّا ففتحت الباب، فإذا جرذ قد دخل من بستان هناك فأكل إحدى عينى الواثق؛ فقلت: لا إله إلا الله- هذه العين التى فتحها من ساعة، فاندق سيفى هيبة لها، صارت طعمة لدابة ضعيفة، فسألنى ابن أبى دؤاد عن عينه فذكرت له القصة فعجب منها، وصلّى عليه ابن أبى دؤاد وأنزله فى قبره، وقيل صلّى علية أخوه المتوكل، ودفن بالهارونى، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة، وقيل ستا وثلاثين سنة وشهورا، وقيل سبعا وثلاثين، ومدة خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وستة أيام. وكان أبيض مشربا بحمرة جميلا ربع القامة حسن الجسم بعينه اليمنى وقيل اليسرى نكته بياض.

وقد وقفت فى أثناء مطالعتى على حكاية غريبة اتفقت للواثق، أحببت أن أضمها إلى أخباره، وهى ما رواه أبو الفرج الأصبهانى «٢» بسنده إلى محمد ابن الحارث، قال: كانت لى نوبة فى خدمة الواثق فى كل جمعة. إذا حضرت ركبت إلى الدار، فإن نشط إلى الشرب أقمت عنده، وإن لم ينشط انصرفت، وكان رسمنا الا يحضر أحد منا إلا يوم نوبته، فإنى لفى منزلى فى يوم غير يوم نوبتى إذا برسل قد هجموا على، وقالوا لى: احضر، فقلت خيرا «٣» ، قالوا: خير، فقلت: إنّ هذا يوم لم يحضرنى فيه أمير المؤمنين قط، ولعلكم غلطتم، قالوا: الله المستعان- لا تطل «٤» وبادر، فقد أمرنا ألا ندعك تستقر على الأرض، فدخلنى فزع شديد وخفت أن يكون سعى بى