للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القوّاد وأصحابه فيها وجدّ فى بنائها، وأنفق عليها- فيما قيل- ألف ألف دينار «١» ، وجمع فيها القرّاء فقرءوا وأحضر أصحاب الملاهى، فوهب أكثر من ألفى ألف درهم، وكان يسميها هو وخاصّته المتوكلية، وبنى فيها قصرا سماه لؤلؤة لم ير مثله، وحفر لها نهرا يسقى ما حولها، فقتل المتوكل قبل كمال حفره فبطل الحفر وأخربت الجعفرية.

وفيها زلزلت بلاد المغرب فتهدّمت الحصون والمنازل والقناطر، ففرّق المتوكل ثلاثة آلاف ألف درهم فيمن أصيب منزله، وزلزلت المدائن وأنطاكية فقتل بها خلق كثير وسقط منها ألف وخمسمائة دار، وسقط من سورها نيّف وتسعون برجا، وسمعوا أصواتا هائلة لا يحسنون وصفها، وتقطّع جبلها الأقرع وسقط فى البحر، وهاج البحر ذلك اليوم وارتفع منه دخان أسود مظلم منتن، وغار منها نهر على فرسخ ما علم أين ذهب؛ وسمع أهل تنيس «٢» صيحة هائلة فمات منها خلق كثير؛ وزلزلت ديار الجزيرة والثغور وهرسوس وأذنة والشام، وهلك أهل اللاذقيّة وجبلة إلا اليسير.

وحج بالناس محمد بن سليمان.

[ودخلت سنة ست وأربعين ومائتين]

فى هذه السنة كانت للمسلمين غزوات فى الروم برا وبحرا، فغزا الفضل بن قارن فى البحر فى عشرين مركبا «٣» ، فافتتح حصن أنطاكية؛ وفيها كان الفداء على يد على بن يحيى الأرمنّى، ففودى بألفين وثلاثمائة