للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأجابهم، وأحضر المعتز والمؤيّد بعد أربعين يوما من خلافته، وجعلا فى دار وجاءت الرسل إليهما بالخلع، فأجاب المؤيّد وامتنع المعتز وقال: إن أردتم القتل فشأنكم، فأخبروا المنتصر بقوله ثم عادوا بغلظة وشدة وأخذوا المعتز بعنف، وأدخلوه بيتا فدخل إليه المؤيّد، وقال له: ويلك يا جاهل، إنّهم نالوا من أبيك- وهوهو- ما نالوا، ثم تمتنع عليهم؟ اخلع ولا تراجعهم وإن كان فى سابق علم الله أن تلى لتلينّ، فقال أفعل، فخرج المؤيّد وقال:

قد أجاب إلى الخلع، فمضوا وأعلموا المنتصر وعادوا ومعهم كاتب، فجلس وقال للمعتز: اكتب بخطّك خلعك، فقال المؤيّد: هات قرطاسك- إمل «١» ما شئت، فأملى عليه كتابا إلى المنتصر يعلمه فيه ضعفه عن هذا الأمر، وأنّه لا يحلّ له أن يأثم المتوكل بسببه، إذ لم يكن موضعا له، ويسأله الخلع ويعلمه أنه قد خلع نفسه وأحلّ الناس من بيعته- فكتب ذلك، وقال للمعتز: اكتب فأبى فأعاد عليه فكتب، وخرج الكاتب «٢» عنهما ثم دعاهما المنتصر، فدخلا عليه فأجلسهما، وقال: هذا كتابكما؟

قالا: نعم يا أمير المؤمنين، فقال لهما- والأتراك قيام- أتريانى خلعتكما طمعا فى أن أعيش حتى يكبر ولدى وأبايع له؟ لا- والله- ما طمعت فى ذلك ساعة قط، وإذا لم يكن لى فى ذلك طمع فو الله لئن يليها بنو أبى أحب إلىّ من أن يليها بنو عمى، ولكنّ هؤلاء- وأومأ إلى سائر الموالى ممن هو قائم عنده وقاعد- وقد ألحّوا فى خلعكما- فخفت إن لم أفعل أن يعترضكما بعضهم بحديدة، فيأتى عليكما فما تريانى صانعا؟ أقتله فو الله ما تفى دماؤهم كلهم بدم بعضكم، فكانت إجابتهم إلى ما سألوا أسهل فقبّلا يده وضمّهما، ثم أشهدا على أنفسهما القضاة وبنى هاشم والقواد ووجوه الناس بالخلع، وكتب بذلك المنتصر إلى محمد بن طاهر وغيره.