للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليشكرى وكان يأنس به، فأرسله إلى محمد بن عيسى بن شيخ ليرغّبه فى الطاعة ويحذّره العصيان، قال: فصرت إليه فخاطبته فلم يجبنى، فتوجهت إلى عمتّه فصرت إليها، فقالت: يا أبا شهاب كيف خلّفت أمير المؤمنين؟

فقلت: خلّفته أمارا بالمعروف فعّالا للخير، فقالت، أهل لذلك ومستحقه، وكيف لا! وهو ظل الله الممدود على بلاده، وخليفته المؤتمن على عباده، فكيف رأيت صاحبنا؟ قلت: رأيت غلاما حدثا معجبا قد استحوذ عليه السفهاء، واستبدّ بآرائهم، يزخرفون له الكذب، فقالت:

هل لك أن ترجع إليه بكتابى قبل لقاء أمير المؤمنين؟ قلت: أفعل، فكتبت إليه كتابا لطيفا أجزلت فيه الموعظة، وكتبت فى آخره:

اقبل نصيحة أمّ قلبها وجع ... خوفا عليك واشفقا وقل سددا

واستعمل الفكر فى قولى فإنّك ان ... فكّرت ألفيت فى قولى لك الرشدا

ولا تثق برجال فى قلوبهم ... ضغائن تبعث الشنآن والحسدا

مثل النعاج خمولا فى بيوتهم ... حتى إذا أمنوا ألفيتهم أسدا

وداو داءك والأدواء ممكنة ... وإذ طبيبك قد ألقى عليك يدا

أعط الخليفة ما يرضيه منك ولا ... تمنعه مالا ولا أهلا ولا ولدا

واردد أخا يشكر ردا يكون له ... ردا من السوء لا تشمت به أحدا

قال: فأخذت الكتاب وصرت إليه فلما نظر إليه رمى به إلىّ ثم قال:

يا أخا يشكر ما بآراء النساء تتم الدول، ولا بعقولهّن يستأمن «١» الملك، ارجع إلى صاحبك، ورجعت إلى المعتضد بالله فأخبرته الخبر، فأخذ الكتاب فقرأه فأعجبه شعرها وعقلها، ثم قال: إنى لأرجو أن أشفّعها فى كثير من القوم، فلما كان من فتح ما كان أرسل إلىّ المعتضد، فقال: هل عندك علم من تلك المرأة، قلت: لا، قال: فامض مع الخادم فإنّك