للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومائتين، قال: ولما اشتد مرضه اجتمع يونس «١» الخادم وغيره من القواد إلى الوزير القاسم ليجدّد البيعة للمكتفى، وقالوا: إنّا لا نأمن الفتنة، فقال: أخاف أن أطلق المال فيبرأ أمير المؤمنين من علّته فينكر ذلك، فقالوا: إن برىء فنحن المحتجون والمناظرون، وإن صار الأمر إلى ولده فلا يلومنا ونحن نطلب الأمر له، فأطلق المال وجدّد البعية للمكتفى بالله، وأحضر أولاد المعتمد ووكل بهم، ثم توفى المعتضد وكانت علّته فساد الجوف والمزاج والجفاف من «٢» كثرة الجماع، وكان يؤمر بأن يقلّ الغذاء ويرطب معدته ولا يتعب نفسه، فيستعمل ضد ذلك ويريهم أنّه يحتمى، فإذا خرجوا من عنده دعا بالجبن والزيتون والسمك فأكل، فسقطت لذلك قوّته واشتدت علّته، ومات رحمه الله وتولّى غسله محمد بن يوسف القاضى، وصلّى عليه الوزير- حكاه ابن الأثير «٣» . وقال أبو الفرج بن الجوزى «٤» :

غسّله أحمد بن شيبة عند زوال الشمس، وصلّى عليه يوسف بن يعقوب القاضى «٥» . ودفن ليلا فى دار محمد بن عبد الله بن طاهر بوصيّة منه، وجلس الوزير فى دار الخلافة للعزاء وجدّد البيعة للمكتفى، ومات المعتضد وله من العمر ست وأربعون «٦» سنة وقيل إلا شهرين، وكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام «٧» ، وقيل وثلاثة وعشرين يوما. وكان نحيفا خفيف العارضين يخضب بالسواد، ولما حضرته الوفاة أنشد: