للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها إلى دبيس بن صدقة بالحلة فأكرمه دبيس ورتّب له الإقامات الكثيرة. فلما علم المسترشد بالله خبره أهمّه ذلك وأقلقه، وأرسل إلى دبيس يطلب منه إعادته فأجاب «إننى عبد الخليفة وواقف عند أمره وقد استذمّ بى ودخل منزلى ولا أكرهه على أمر أبدا» . وكان الرسول نقيب النقباء شرف الدين على بن طرّاد الزينبى «١» ، فقصد الأمير أبا الحسن وتحدّث معه فى العود وضمن له كل ما يريد، فأجاب إلى ذلك وقال: إننى لم أفارق خدمة أخى لشرّ أريده، وإنما الخوف حملنى على ذلك، فإذا امّننى قصدته! وتكفّل له دبيس إصلاح الحال والمسير معه إلى بعداد، فعاد النقيب وأعلم الخليفة فأجاب إلى ما طلب ثم تأخّر بعد ذلك ولم يحضر وأقام عند دبيس إلى ثانى عشر صفر سنة ثلاث عشرة. وسار عن الحلة إلى واسط وكثر جمعه وقوى الإرجاف بأمره، وملك مدينة واسط وخيف جانبه، فتقدّم الخليفة المسترشد بالله بالخطبة لولده أبى جعفر المنصور وجعله ولىّ عهده وعمره يومئذ اثنتا عشرة سنة.

فخطب له فى ثانى شهر ربيع الأول ببغداد وكتب إلى البلاد بذلك، وأرسل إلى دبيس فى معنى الأمير أبى الحسن وأنه الآن فارق جواره ومدّ يده إلى بلاد الخليفة وأمره بقصده ومعاجلته قبل فوته. فأرسل دبيس العساكر إليه ففارق واسط وقد تحيّر هو وأصحابه فضلوا الطريق، وصادفتهم عساكر دبّيس فنهبوا أثقاله وهرب الأكراد من أصحابه والأتراك، وعاد الباقون.