للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحصن به. هذا والبربر يغيرون فى نواحى قرطبة، وأخذوا الجبل المعروف/ بابن حفصون- وهو كثير الماء والمرعى والثمار والزرع- فزاد ذلك فى قوّتهم. وابن عبد الجبار وجنده فى انهماك على الّلهو وارتكاب المحارم وإظهار الفسق، وإفساد ما قدروا عليه، والنزول على الناس فى دورهم، وقتل من دافعهم، فكره واضح ذلك منه- وكان قد حقد عليه ما أتاه إلى بنى أبى عامر- فأخذ فى التدبير عليه.

وبلغ ذلك محمد فجمع ما فى القصر من النفائس وسلمها إلى ابن رافع رأسه- رجل من أهل طليطلة- وأمره بالخروج إليها، وتحيّل فى الخروج فى أثره. فلما كان فى يوم الأحد الحادى عشر من ذى الحجة سنة أربعمائة- وقيل لثمان خلون منه- ركب واضح والعبيد وأهل الثغر وصاحوا: لا طاعة إلا طاعة المؤيد! ثم قصدوا القصر وأخرجوا المؤيد، وأجلسوه على منبر الخلافة وألبسوه لباسها. وكان محمد بن عبد الجبار فى الحمام، فدخل عليه ابن وداعة وأخبره الخبر، فخرج وجاء إلى هشام وأراد أن يجلس إلى جانبه، فأخذ عنبر الخادم بيده ورمى به من على المنبر وأجلسه بين يدى المؤيد. فسبّه المؤيد ووبّخه وعدّد عليه ما أتاه وما فعله معه، فأخذ عنبر بيده وأقامه وأصعده إلى السطح وأراد ضرب عنقة فتعلق به، فتعاورته سيوف العبيد والخدم والصقالبة/ فقتلوه، وأخذوا رأسه ورموا بجثته، فسقطت فى الموضع الذى كانت فيه جثة ابن عسفلاجة لما قتله. فكانت مدة ولايته هذه نحو شهر،